صدر للباحث الدكتور عماد عبداللطيف كتاب جديد حول ظاهرة التصفيق في المجتمعات العربية عامة والمجتمع المصري خاصة



ويقع الكتاب والذي جاء بعنوان "لماذا يصفق المصريون؟" في فصلين ومدخل وخاتمة، وقدم الباحث في المدخل تعريفا بتاريخ ظاهرة التصفيق، وأهمية دراستها في المجتمع المصري، وعرض بشكل موجز لأهداف الكتاب وخطته، أما الفصل الأول فقد درس فيه أوضاع التصفيق وأنواعه وأهم وظائفه، وفى الفصل الثاني ركز الباحث على دراسة التصفيق أثناء الخطابة السياسية، وهي أشهر أشكال التواصل السياسي، وأكثرها انتشارا وتأثيرا في المجتمع المصري.وتناولت خاتمة الكتاب مستقبل ظاهرة التصفيق في مصر، والآفاق الممكنة أمامه كممارسة جماهيرية.

ويعد كتاب "لماذا يصفق المصريون؟" الأول من نوعه في المكتبة العربية، ويحاول وضع أساس علمي لدراسة التصفيق في المجتمعات العربية المعاصرة عامة، والمجتمع المصري خاصة، فيركز على ظاهرة التصفيق الجماعي في المجتمع المصري المعاصر، دارسا التصفيق في سياقات التواصل الجماهيري المختلفة التي يوجد فيها مثل الخطابة السياسية والحفلات الغنائية والمسرحية والندوات العلمية والمنتديات العامة والبرامج الكلامية ومناقشات الرسائل الجامعية، وكاشفا الدور الذي يمارسه التصفيق في هذه السياقات، والآثار التي تترتب على حدوثه،وعلاقته بظواهر أخرى مثل الهتاف والصفير والتكبير والتهليل والزغاريد وغيرها.

في مدخله للتعرف على ظاهرة التصفيق يقول الباحث "في الحضارة اليونانية كان التصفيق هو وسيلة إظهار استحسان الجمهور وإعجابهم بالعروض المسرحية أو الموسيقية أو الغنائية التي يشاهدونها.بل إن اليونانيين ربما كانوا أقدم الشعوب التي عرفت مهنة المصفِّق المأجور؛ أي الشخص الذي يحصل على مقابل مادي نظير التصفيق المتحمس لمسرحية معينة أو أداء موسيقي ما،فقد كان بعض المؤلفين المسرحيين الذين يعرضون مسرحياتهم على مسرح ديونيسيوس يؤجرون مجموعات من الجماهير تقوم بالتصفيق الحار لمسرحياتهم أمام لجان تحكيم المسابقات المسرحية.

وتذكر كتب التاريخ أن نيرون طاغية روما الشهير أسس مدرسة خاصة لتعليم أصول التصفيق، وأنه كان يأمر ما يقرب من خمسة آلاف فارس وجندي من أفراد الجيش بحضور الحفلات الموسيقية التي كان يغني فيها وهو يعزف على القيثارة؛ ليصفقوا له بعد أن ينتهي من الغناء والعزف.

ويبدو أن التصفيق قد انتقل من المجتمعين - الفرعوني واليوناني - إلى المجتمعات العبرانية القديمة، وإن اختلفت دلالته وغايته.فهناك إشارات متعددة إلى التصفيق في العهد القديم، تربط التصفيق بمشاعر الفرح الإنساني .

فلقد اعتاد المسيحيون في فترة مبكرة من تاريخ المسيحية التصفيق للوعاظ الشعبيين،استحسانا لبلاغتهم أو أدائهم. وغالبا ما كان يحدث التصفيق في الكنائس في سياقين رئيسين؛ الأول:التصفيق الإيقاعي أثناء أناشيد الزواج وأثناء حفلات التعميد، والثاني: في مواقف التقدير؛ وذلك مثل التصفيق للإخوة المكرمين، والتصفيق إثر قول حسن أثناء الوعظ.وهو ما يعني أن التصفيق في الكنائس القديمة كان يقوم بمهمتين؛ الأولى ضبط الإيقاع؛ وهي امتداد لوظيفته عند الفراعنة، والثانية إظهار الاستحسان؛ وهي امتداد لوظيفته عند اليونانيين.

ويعد التصفيق سلوكا غير مستحدث حيث توجد العديد من الإشارات على وجوده فى غابر الأزمان ، فكثير من النقوش المصرية القديمة تظهر المصريين وهم يصفقون خاصة بمصاحبة الرقص والغناء،وكان التصفيق في مصر الفرعونية أداة الإيقاع الأساسية،وكان يصاحب عادة حفلات الرقص والغناء التي أبدع في فنونها المصريون.

وقد عرف العرب في عصر ما قبل الإسلام التصفيق بوصفه ممارسة شعائرية تؤدى أمام الحرم المكي ،كذلك استخدم التصفيق في صدر الإسلام أداة للتشويش على المسلمين في بداية دعوتهم ؛ فيذكر المفسرون أن بعض القرشيين ممن عارضوا دعوة النبي محمد عليه الصلاة والسلام،كانوا يصفقون كلما قام ليدعو الناس إلى دينه الجديد، وذلك حتى لا يستطيع أحد سماعه أو التأثر به.

لكن التصفيق تحول على يد بعض "المتصوفة المسلمين" من وسيلة للتشويش على المسلمين الذاكرين إلى وسيلة لعبادة بعض المسلمين الذاكرين.ففي حلقات الذكر التي تمتد من النوبة إلى الإسكندرية، يقوم الآلاف من المصريين بالتصفيق تقربا إلى الله. 

ويرى د.عماد عبداللطيف أن التصفيق ممارسة ثقافية؛ لذا تختلف طريقة استخدامه ووظائفه وكيفية تأويله من ثقافة إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر.ومع ذلك فقد أدى كون التصفيق شعيرة تواصلية في كثير من أشكال التواصل الجماهيري في الوقت الراهن، إلى تحوله في بعض أنشطة التواصل إلى عرف مستقر، لا يختلف مداه الزمني أو مواقع حدوثه من ثقافة إلى أخرى. 

فمثلا العروض الفنية الحية تتضمن ما يكاد أن يكون بروتوكولا للتصفيق. فما إن يقف الفنان - موسيقيا كان أم مسرحيا أم مغنيا أم شاعرا أم قاصا- بين يدي الجمهور حتى يبدأ الجمهور بالتصفيق تحية له، وقد يتخلل ذلك تصفيق آخر لإظهار الإعجاب، وتصفيق ثالث لإعلان الرغبة في الإعادة، وتصفيق رابع في الفواصل الصامتة .. إلخ. وفي نهاية العرض يأتي تصفيق الوداع.

ويضيف: أدى هذا الطابع العرفي للتصفيق إلى تحوله في الوقت الراهن إلى مهارة تواصلية، يكتسب جزء منها من خلال الملاحظة والمحاكاة والتقليد، ويكتسب جزء آخر بواسطة التوجيه والإرشاد، ويتم صقلها بواسطة الخبرة والممارسة؛ وكأي مهارة تواصلية فقد يبرع فيها البعض؛ فيعرفون أنسب وقت للتصفيق،وأفضل كيفية له..إلخ.

وهؤلاء غالبا ما يقومون بقيادة سفينة التصفيق حتى تصل إلى بر النجاح. 

ويعرفنا الكتاب أيضا على أنواع التصفيق وتجلياته،والوظائف التي يقوم بها في المجتمع المصري،إضافة إلى تناول الأبعاد الاجتماعية والسيكولوجية للتصفيق لدى الجماهير المصرية.مع العناية بشكل خاص بالدور الذي يقوم به التصفيق في ترسيخ السلطة القائمة؛سواء أكانت سياسية أم أكاديمية أم فنية، وكيف يمكن أن يتحول إلى أداة لمقاومة السلطة القائمة، وشروط تحقيق ذلك. 

ولأن التصفيق هو في أغلب الأحيان علامة على إعجاب الجماهير وحماستهم وتأييدهم للشخص الذي يصفقون له،فإن الكتاب معني بالكشف عن الطرق التي تستخدم للاستحواذ على إعجاب المصريين وإشعال حماستهم وكسب رضاهم وتأييدهم أثناء التواصل الجماهيري، لكن التصفيق أيضا قد لا يكون اختيارا حرا؛ لذا يهتم الباحث بالكشف عن الدور الذي يقوم به التصفيق في خداع الجماهير والتلاعب بهم وتضليلهم،من خلال دراسة ظاهرة الهتِّيفة، وظاهرة المصفق المأجور والتصفيق القهري والتصفيق المعد سلفا، وهو ما يفتح الباب أمام مناقشة العلاقة بين التصفيق والحرية من ناحية، والتصفيق والكلمة من ناحية ثانية، والتصفيق والفعل من ناحية ثالثة.

يشار إلى ان عماد عبداللطيف هو باحث أكاديمي، درس بجامعتي القاهرة ولانكستر الإنجليزية، وحصل على درجة الدكتوراه في تحليل الخطاب السياسي المصري المعاصر، وحاضر في جامعات مصرية وبريطانية ونرويجية، ونشر عددا من الدراسات بالعربية والإنجليزية حول العلاقة بين البلاغة والسلطة، ونقد الخطابين السياسي والديني واستجابة الجماهير.




كتاب حول تاريخ ظاهرة التصفيق في مصر


صدر للباحث الدكتور عماد عبداللطيف كتاب جديد حول ظاهرة التصفيق في المجتمعات العربية عامة والمجتمع المصري خاصة



ويقع الكتاب والذي جاء بعنوان "لماذا يصفق المصريون؟" في فصلين ومدخل وخاتمة، وقدم الباحث في المدخل تعريفا بتاريخ ظاهرة التصفيق، وأهمية دراستها في المجتمع المصري، وعرض بشكل موجز لأهداف الكتاب وخطته، أما الفصل الأول فقد درس فيه أوضاع التصفيق وأنواعه وأهم وظائفه، وفى الفصل الثاني ركز الباحث على دراسة التصفيق أثناء الخطابة السياسية، وهي أشهر أشكال التواصل السياسي، وأكثرها انتشارا وتأثيرا في المجتمع المصري.وتناولت خاتمة الكتاب مستقبل ظاهرة التصفيق في مصر، والآفاق الممكنة أمامه كممارسة جماهيرية.

ويعد كتاب "لماذا يصفق المصريون؟" الأول من نوعه في المكتبة العربية، ويحاول وضع أساس علمي لدراسة التصفيق في المجتمعات العربية المعاصرة عامة، والمجتمع المصري خاصة، فيركز على ظاهرة التصفيق الجماعي في المجتمع المصري المعاصر، دارسا التصفيق في سياقات التواصل الجماهيري المختلفة التي يوجد فيها مثل الخطابة السياسية والحفلات الغنائية والمسرحية والندوات العلمية والمنتديات العامة والبرامج الكلامية ومناقشات الرسائل الجامعية، وكاشفا الدور الذي يمارسه التصفيق في هذه السياقات، والآثار التي تترتب على حدوثه،وعلاقته بظواهر أخرى مثل الهتاف والصفير والتكبير والتهليل والزغاريد وغيرها.

في مدخله للتعرف على ظاهرة التصفيق يقول الباحث "في الحضارة اليونانية كان التصفيق هو وسيلة إظهار استحسان الجمهور وإعجابهم بالعروض المسرحية أو الموسيقية أو الغنائية التي يشاهدونها.بل إن اليونانيين ربما كانوا أقدم الشعوب التي عرفت مهنة المصفِّق المأجور؛ أي الشخص الذي يحصل على مقابل مادي نظير التصفيق المتحمس لمسرحية معينة أو أداء موسيقي ما،فقد كان بعض المؤلفين المسرحيين الذين يعرضون مسرحياتهم على مسرح ديونيسيوس يؤجرون مجموعات من الجماهير تقوم بالتصفيق الحار لمسرحياتهم أمام لجان تحكيم المسابقات المسرحية.

وتذكر كتب التاريخ أن نيرون طاغية روما الشهير أسس مدرسة خاصة لتعليم أصول التصفيق، وأنه كان يأمر ما يقرب من خمسة آلاف فارس وجندي من أفراد الجيش بحضور الحفلات الموسيقية التي كان يغني فيها وهو يعزف على القيثارة؛ ليصفقوا له بعد أن ينتهي من الغناء والعزف.

ويبدو أن التصفيق قد انتقل من المجتمعين - الفرعوني واليوناني - إلى المجتمعات العبرانية القديمة، وإن اختلفت دلالته وغايته.فهناك إشارات متعددة إلى التصفيق في العهد القديم، تربط التصفيق بمشاعر الفرح الإنساني .

فلقد اعتاد المسيحيون في فترة مبكرة من تاريخ المسيحية التصفيق للوعاظ الشعبيين،استحسانا لبلاغتهم أو أدائهم. وغالبا ما كان يحدث التصفيق في الكنائس في سياقين رئيسين؛ الأول:التصفيق الإيقاعي أثناء أناشيد الزواج وأثناء حفلات التعميد، والثاني: في مواقف التقدير؛ وذلك مثل التصفيق للإخوة المكرمين، والتصفيق إثر قول حسن أثناء الوعظ.وهو ما يعني أن التصفيق في الكنائس القديمة كان يقوم بمهمتين؛ الأولى ضبط الإيقاع؛ وهي امتداد لوظيفته عند الفراعنة، والثانية إظهار الاستحسان؛ وهي امتداد لوظيفته عند اليونانيين.

ويعد التصفيق سلوكا غير مستحدث حيث توجد العديد من الإشارات على وجوده فى غابر الأزمان ، فكثير من النقوش المصرية القديمة تظهر المصريين وهم يصفقون خاصة بمصاحبة الرقص والغناء،وكان التصفيق في مصر الفرعونية أداة الإيقاع الأساسية،وكان يصاحب عادة حفلات الرقص والغناء التي أبدع في فنونها المصريون.

وقد عرف العرب في عصر ما قبل الإسلام التصفيق بوصفه ممارسة شعائرية تؤدى أمام الحرم المكي ،كذلك استخدم التصفيق في صدر الإسلام أداة للتشويش على المسلمين في بداية دعوتهم ؛ فيذكر المفسرون أن بعض القرشيين ممن عارضوا دعوة النبي محمد عليه الصلاة والسلام،كانوا يصفقون كلما قام ليدعو الناس إلى دينه الجديد، وذلك حتى لا يستطيع أحد سماعه أو التأثر به.

لكن التصفيق تحول على يد بعض "المتصوفة المسلمين" من وسيلة للتشويش على المسلمين الذاكرين إلى وسيلة لعبادة بعض المسلمين الذاكرين.ففي حلقات الذكر التي تمتد من النوبة إلى الإسكندرية، يقوم الآلاف من المصريين بالتصفيق تقربا إلى الله. 

ويرى د.عماد عبداللطيف أن التصفيق ممارسة ثقافية؛ لذا تختلف طريقة استخدامه ووظائفه وكيفية تأويله من ثقافة إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر.ومع ذلك فقد أدى كون التصفيق شعيرة تواصلية في كثير من أشكال التواصل الجماهيري في الوقت الراهن، إلى تحوله في بعض أنشطة التواصل إلى عرف مستقر، لا يختلف مداه الزمني أو مواقع حدوثه من ثقافة إلى أخرى. 

فمثلا العروض الفنية الحية تتضمن ما يكاد أن يكون بروتوكولا للتصفيق. فما إن يقف الفنان - موسيقيا كان أم مسرحيا أم مغنيا أم شاعرا أم قاصا- بين يدي الجمهور حتى يبدأ الجمهور بالتصفيق تحية له، وقد يتخلل ذلك تصفيق آخر لإظهار الإعجاب، وتصفيق ثالث لإعلان الرغبة في الإعادة، وتصفيق رابع في الفواصل الصامتة .. إلخ. وفي نهاية العرض يأتي تصفيق الوداع.

ويضيف: أدى هذا الطابع العرفي للتصفيق إلى تحوله في الوقت الراهن إلى مهارة تواصلية، يكتسب جزء منها من خلال الملاحظة والمحاكاة والتقليد، ويكتسب جزء آخر بواسطة التوجيه والإرشاد، ويتم صقلها بواسطة الخبرة والممارسة؛ وكأي مهارة تواصلية فقد يبرع فيها البعض؛ فيعرفون أنسب وقت للتصفيق،وأفضل كيفية له..إلخ.

وهؤلاء غالبا ما يقومون بقيادة سفينة التصفيق حتى تصل إلى بر النجاح. 

ويعرفنا الكتاب أيضا على أنواع التصفيق وتجلياته،والوظائف التي يقوم بها في المجتمع المصري،إضافة إلى تناول الأبعاد الاجتماعية والسيكولوجية للتصفيق لدى الجماهير المصرية.مع العناية بشكل خاص بالدور الذي يقوم به التصفيق في ترسيخ السلطة القائمة؛سواء أكانت سياسية أم أكاديمية أم فنية، وكيف يمكن أن يتحول إلى أداة لمقاومة السلطة القائمة، وشروط تحقيق ذلك. 

ولأن التصفيق هو في أغلب الأحيان علامة على إعجاب الجماهير وحماستهم وتأييدهم للشخص الذي يصفقون له،فإن الكتاب معني بالكشف عن الطرق التي تستخدم للاستحواذ على إعجاب المصريين وإشعال حماستهم وكسب رضاهم وتأييدهم أثناء التواصل الجماهيري، لكن التصفيق أيضا قد لا يكون اختيارا حرا؛ لذا يهتم الباحث بالكشف عن الدور الذي يقوم به التصفيق في خداع الجماهير والتلاعب بهم وتضليلهم،من خلال دراسة ظاهرة الهتِّيفة، وظاهرة المصفق المأجور والتصفيق القهري والتصفيق المعد سلفا، وهو ما يفتح الباب أمام مناقشة العلاقة بين التصفيق والحرية من ناحية، والتصفيق والكلمة من ناحية ثانية، والتصفيق والفعل من ناحية ثالثة.

يشار إلى ان عماد عبداللطيف هو باحث أكاديمي، درس بجامعتي القاهرة ولانكستر الإنجليزية، وحصل على درجة الدكتوراه في تحليل الخطاب السياسي المصري المعاصر، وحاضر في جامعات مصرية وبريطانية ونرويجية، ونشر عددا من الدراسات بالعربية والإنجليزية حول العلاقة بين البلاغة والسلطة، ونقد الخطابين السياسي والديني واستجابة الجماهير.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق